الثلاثاء، يونيو 03، 2008

"حمق في اتجاهين" أو "مجتمع فقد بوصلة الطريق" بقلم أحمد باخوص

المبدع العزيز خالد أخازي: ما أدبجه في هذه التدوينة ليس قراءة نقدية تحتكم لمنهج من المناهج النقدية-والتي حشى بها أدمغتنا بعض الأساتذة الجامعيين طبعا مع بعض المغالطات لقصر فهمهم أو لغرورهم المعرفي - إنها فقط تماس مع نصك السردي وتفاعل مع مجرياته وتيمته وحتى شخصيته المشاكسة ولما لا الجنونية، أليس الحمق هو قمة التعقل .أتمنى أن لا أكون تعسفت على نصك وإن حصل ذلك جد لصديقك العذر فقط لأنه ينتمي كما تعلم للحمقى والمجانين والحالمين والمتوهمين... بمعنى من المعاني التي أشار لها كولن ويلسون في كتابه "سقوط الحضارة " وأقصد "اللامنتمي".

"حمق في اتجاهين" نص سردي يمتح من اليومي لكي لا نقل الواقعي حتى لا نغضب بعض جهابذة النقد عندنا من دكاترة شداد لا يملكون غير شهاداتهم الكرتونية، ومثقفين لا يشق لهم غبار، يعيثون في النصوص دما ماداموا لا يستطيعون كتابة ولو جملة بحس إبداعي. نص كأنه يتصيد المبتذل والمنفلت والهامشي الذي تلاشى بين أوهام بعض من يتوهمن أنهم يمثلون النخبة داخل مجتمع فقد بوصلة الطريق، وهو الآن يحث الخطى نحو الهاوية مما يجعل ضرورة التخلص من النمطية والعادات المخملية للعيش في انسجام مع الذات ومع "واقع" يتطلب الفهم بعمق والتماهي معه حتى لا تتفاقم الحالة الشيزوفرينية التي تتخبط فيها مجتمعاتنا العربية، لهذا نجد السارد الذي يتخفى في لبوس شخصية مهيمنة على السرد، شخصية/سارد يعيد النظر في عاداته اليومية المفروضة عليه بفعل ضغوطات وأوهام المجتمع: أوهام الأسرة، أو هام زملاء العمل، أوهام...، شخصية حينما وعت بذاتها وبواقعها الشاذ أرادت التخلص منه ولم تجد غير الصمت في نهاية المطاف للتخلص من أوهام العاقلين-الحمقى- كأننا بالشخصية الساردة لم تعد تحفل بالآخر مادام-هذا الآخر- انصاع لروتين عاداته الآلية، تلميع الحداء، لباس ربطة العنق أي الاهتمام بالشكل الخارجي فقط لتلميع صورة متوهمة للدلالة على التحضر الوهمي. شخصية لم تعد تحفل لرأي ومواقف الآخرين باعتبارهم شواذ عن طبيعتهم الإنسانية والاهتمام بالمظاهر الكاذبة، لهذا تطمح الشخصية للارتباط بالأرض من خلال فعل المشي حافية تماسا مع أمنا الأرض- وهنا تحظرني واقعة كانت تحصل رفقة صديق شاعر وزجال بمدينة فاس وخاصة أتناء فصل الربيع ، كانت لصديقي المبدع رغبة جامحة في المشي حافيا متخلصا من حدائه والامتداد على الأرض مؤكدا على الرغبة في العودة لمرتع صباه حيت الامتداد والفراغ ورائحة الأرض الطيبة خاصة في البدايات الأولى من الشهر المطير، والاستمتاع بالغروب وأمسيات وليالي حكايا الرعاة والجدات- بل الذهاب بعيدا بالعودة للطبيعة الإنسانية، طبيعة العري دلالة ورغبة في التخلص من خطايانا وقبحنا وتفاهاتنا وعيش الحياة بتلقائية، كأني بالسارد وصل حالة التوحد مع الطاو، ومع فلسفات الشرق القديمة الممجدة للإنسان في توحده التام مع ذاته و الطبيعة أو كأني بالسارد/ الشخصية يعبر عن الحالة التي وصل لها الإنسان المبدع-اللامنتي- في حضارتنا المتقدمة-طبعا الحضارة الغربية المعاصرة-، الحضارة الضاربة في اللاإنسانيتنا، حضارة فقدت بوصلتها مع عمق وأفق إنسانيتنا. بالفعل إنه "حمق باتجاهين" يطوقنا بحمق ناذر.

ليست هناك تعليقات: