الاثنين، مايو 26، 2008

نص سردي - حمق في اتجاهين - خالد أخازي-

استيقظت على غير عادتي الساعة السادسة صباحا، بحثت عن حذائي تحت سريري، ثم علبة وفرشاة التلميع...فجأة قررت لأول مرة منذ عشرين سنة ألا ألمع الحذاء،"لماذا كنت ألمع حذائي كل صباح ؟" لم يسبق لي أن طرحت على نفسي هذا السؤال...نظرت إلى وجه أمينة زوجتي وقد انبطحت على السرير مدلية قدميها المخضبتين بالحناء القاتمة اللون...لم أنتبه قبل هذا اليوم أن أمينة تصدر صفيرا عند النوم وتنام على ظهرها ...نزعت حذائي...وقررت ألا أنتعله بعد الآن .

في الطريق نحو مكتبي بمصنع الأدوية، توقفت لأول مرة عند عربة العم مبارك ...طلبت حساء وجلست على كرسي بارد...عشرون عاما وأنا ألج بوابة المصنع بالسيارة، اوزع نظرة خاطفة على الرجل ، يلوح لي بيده وينحني قليلا، تصلني رائحة حساء الفول المعطر بزيت الزيتون، ألج المكتب أجد قهوتي السوداء وجريدة وكاتبة لا تتوقف عن الابتسام وتغيير العطور...هذا الصباح مشيت حافيا ومترجلا، نظرات مختلفة تبحث عن جواب " أأنت فعلا...حافيا.....وبدون ربطة عنق....وتشرب الحساء في هذا الصباح البارد ؟ "

توقف بعض الزملاء....نوافذ السيارات تفتح في انسياب...نظرات مختلفة....أعناق تشرئب....نوافذ المكاتب تفتح همهمات....

تحضر أمينة...رفقة صهري بائع خردة السيارات....تشدني من يدي، أرمي نفسي في المقعد الخلفي لسيارة صهري المتجهم ، تسألني وهي تلطم خذيها " ماذا وقع؟ أجننت ؟" أردت فقط أن أقول لها إنني لن أنتعل بعد اليوم حذائي، وجدت ألا جدوى في القول... صمت واحسست بلذة غامرة في بحر الصمت

امتلأ البيت بالناس، غصت في صمتي الجميل، حزن ما انتشر في أركان الغرف، لا أعرف لماذا أتي كل هؤلاء الناس؟، لم يتحدثون طويلا مع أمينة.؟..جاءتني رغبة في التغوط...نزعت سروالي وملابسي الداخلية وقصدت في صمت المرحاض....مررت أمام غرفة الضيوف....صرخت أمينة، غطاني جاري بائع الدجاج بإزار ، ماذا وقع ؟ أردت فقط التغوط ...بلا سروال ولا ملابس داخلية شعرت بمتعة غريبة....سعادة غريبة...قررت أن أظل بعد اليوم عاريا.....

أردت أن أحدث أمينة عن سعادتي...لكنها لا تتوقف عن البكاء واللطم....سأصمت....لن أحدث أحدا عن رغباتي ....عن سعادتي يكيف كنت أحمق منذ سنوات أخنق قدمي في حذاء أضطر لتلمعيه كل ....وجسدي حبيس معاطف وسراويل وعنقي مطوق بأربطة لا معنى لها....كم كنت أحمق...مساكين هؤلاء الحمقى المحيطون بي......يتعذبون في أحذيتهم وملابسهم وحليهم ......لن أشرح لهم....سألتزم الصمت...وهل ينفع الحوار مع الحمقى؟

الأحد، مايو 25، 2008

نص قصصي للمبدع أحمد العيناني، مبدع يقارب غواية القص والشعر بلغة موليير، وينتحب الأزجال باللغة الأم، لغة تعانق اليومي الضارب في حزننا وفرحنا..

Voyante incommodée
Sous une tente blanche, dressée au pied d'un arbre dénudé, s’agitait un petit étendard blanc. Une dame d’une quarantaine d’années était assise sous la tante. Devant elle, sur une petite carpette blanche, des cartes étaient étalées. Son visage noirâtre et décharné était plein de rides, ses yeux sombres et profonds. Autour du front, elle avait une bande de tissu blanc. Elle avait toujours l’air méditative et ne souriait presque jamais; elle parlait peu et bas. Ses phrases sont à la fois concises et confuses. le respect que toutes ses clientes lui vouaient était entaché d’une crainte qu’elle savait maintenir. Aucune d’elles n’osait la contrarier ni lui demander l’éclaircissement de l’une de ses phrases obscures. Autour d’elle, des femmes –assises en tailleurs—attendaient leur tour dans la pénombre de la tente, que la fumée se dégageant d’un brasero rendait dense. Parmi ses clientes naïves et désireuses de se faire dévoiler l’avenir, se trouvait Fatima, la femme de si Salah le boucher. Elle avait la poitrine découverte. Son fils s’accrochait à l’une de ses mamelles flasques et pendantes ; tout en fixant d’un œil distrait les cartes étalées sur la carpette blanche. A l’arrivée du tour de la femme du boucher, la <— Oh lalla Fatima, je lis sur mes cartes que tu souffres. Je vois aussi que Si Salah, ton mari, commence à s’intéresser à une jeune femme de votre entourage. Une femme de taille moyenne et qui a une cicatrice sur le bras droit. Si je t’annonce son nom tu sauras vite de qui il s’agit, mais je préfère ne pas vous créer d’ennuis. Alors que la voyante causait, l’enfant tétait en continuant à fixer l’étalage des cartes. Tout à coup l’envie d’en prendre une s’accapara de l’enfant. Sa maman l’en empêcha, et de son regard plein de conviction, elle supplia la cartomancienne de lui annoncer le nom de sa rivale. Malgré sa mère, l’enfant tendit la main vers les cartes. Ce geste fut vite réprimé. Alors l’enfant éclata en sanglots. Ses cris couvrirent les paroles creuses de la « chouafa ». Celle –ci braqua ses yeux sombres et profonds sur ceux (gais et innocents) de l’enfant dont les cris redoublèrent d’intensité sous l’effet de la peur que le regard rude de la voyante lui inspira. Les femmes qui attendaient leur tour furent gênées par les cris stridents de l’enfant। Certaines arrivèrent à masquer leur mécontentement ; d’autres demandèrent à Fatima de calmer son fils. Elle fut embarrassée. Ne voulant pas perdre l’une de ses clientes les plus crédules et les plus généreuses , la « chouafa » prit l’une des cartes étalées et la tendit à l’enfant pour qu’il cesse de chialer. L’enfant se saisit de la carte, la porta à sa bouche, l’en éloigna promptement, la regarda un instant puis la jeta et se mit de nouveau à crier, empêchant ainsi (à son insu) sa maman d’écouter ce que lui racontait la voyante. Voulant le calmer, une femme de celle qui attendaient leur tour, ramassa la carte et la lui redonna. L’enfant la saisit et tout en criant de plus en plus fort la déchira et la lança en direction de la chiromancienne. Celle-ci pâlit, rougit et se mit à trembler de colère. Cela ne dura pas longtemps, car la «chouafa » se ressaisit vite et demanda à Fatima de revenir le vendredi d’après. Fatima se leva en tenant son fils qui ne cessait de crier entre ses bras. Avant de s’en aller, elle salua l’assistance et n’oublia pas d’enfouir quelques dirhames dans le creux de la main que la voyante lui tendait.
Rédigé par Ahmed El Inani. FES

الأربعاء، مايو 21، 2008

عبور سريع لنص" أخي" للقاص زهير هوتة------خالد أخازي

كتابة ماكرة...ونص يفتح شهيتك للفرح...يمنيك بداية بعبور نحو اعراس مجهولة...يقتحم شغفنا...تم ينعطف الخطاب نحو تراجيديا تمتح من الحكاية...المعجم...اندحار معمار النص في النهاية/النهاية الورقية/..نحو هوة تشعرنا ببقية في النص ...لازالت في صدورنا...لكننا لا نملك الضوء الذي يقودك لتفجير الحكاية الماكرة...مكر جميل أسس لخطاب سردي متحول في ساحات التبئير....والقراءة المبدعة تفتر ض شعاعا من ضوئك المنساب في روعة على البياض المرتعش من لهب الكلمات...

بورتريها للفنان الشعبي "خليفة" من إنجاز المبدع والصحفي محمد فايح

الفنان الكوميدي الشعبي"اخليفة" لم يمت إنه حي في قلوبنا، قلوب البيضاويين، مادامت للفرجة ضرورة وللسخرية حاجة ملحة
كلما عادت الذاكرة بالبيضاويين إلى زمن ليس بالبعيد، زمن يستحضرونه بحسرة، زمن شكلت فيه الحلقة فضاء فرجويا بلا منازع، زمن غابت عنه فضاءات ثقافية وفرجوية مؤسساتية إلا واسترجعت الذاكرة أسماء تدثرت بالنسيان. أسماء منحتهم الضحك والفرح بأبسط الطرق والوسائل، ألبسة وأقنعة مهترئة عبارة عن إكسسوارات للعرض وآلات موسيقية متهالكة، "كمنجة" قديمة و"بندير" معوج و"تعريجة" وفي أحسن الحالات "طبل" مزمجر أو "غيطة منتحبة". أسماء مازالت تحلق في الذاكرة البيضاوية رغم طغيان ثقافة الاستهلاك المعولمة التي قضت على خصوصيات ثقافة شعبية فقدت إمكانية تجددها واستمرارها. أسماء على رأسها الفنان "نعينيعة" صاحب الحكايا المحبوكة المشخصة بأسلوب ممسرح متميز والفنان "بوغطاط" وعلاقته بدماه وقبعته والفنان "اخليفة"، هذا الكوميدي الذي شغل ومازال يؤثث مساحة مهمة ومشاكسة في الذاكرة البيضاوية إن لم نقل الذاكرة الشعبية المغربية في كل أرجاء الوطن، تستحضره في الأفراح وأثناء الدردشات في المقاهي، وفي أركان الحارات وساحات الحدائق حيث تكن نكثه وتخريجاته اقتباسات لاعبي "الكارطة" و"الداما" للمتقاعدين في حواراتهم الصاخبة.هذا الفنان الشعبي "اخليفة" الذي شغل الناس وأصبح له جمهورا ينتظره بعد صلاة العصر. هذا القادم من رحم الأكواخ والمعمد بعبق تربة الحمري والترس لم يهنأ له بال حتى أعلن غضبه على فكاهة الابتذال والتزييف شاهرا سلاح البساطة بنفس إبداعي ضارب في عمق ثقافة الشعب البسيط،. هذا الفنان الشعبي الذي استطاع تشكيل الحلقة في ثوان معدودة من أناس ذواقين للنكتة المشخصة بابتسامة بريئة لشفاه مشققة أنهكتها أدخنة التبغ الرديء. هذا الفنان الكوميدي الشعبي ذو الوجه القمحي التي غزته تجاعيد بارزة بفعل لهيب الشمس الحارقة وأصابع بارزة التنايا كقصب الخيزران وأياد معشوشبة التي تماهت مع الأرض المعطاء والتي تؤكد لنا أنه كان فلاحا صغيرا من هضاب الشاوية قد يكن مستعمرا أو خائنا متعاونا ما اغتصب أرضه وطرد للمدينة الشبح-الدار البيضاء-هذا الفنان الشعبي صاحب العينين الغائرتين التي تحمل بين أعماقها فرحة طفل يقدمها حكايا ممسرحة وعزفا بل حشرجة حزينة لآلة متهالكة-كمنجة- تماهيا مع كبره وواقعه المعيش علها تنفس عنهم كرب العيش وتمنحم الضحكة والسكينة إلى حين.هذا الفنان الشعبي "اخليفة" مدرسة فرجوية بامتياز وقدرة خارقة على إدخال الفرحة والبهجة على النفوس في عز الحزن وأقصى درجات الكآبة. إنه فنان "ولاد الشعب" كما يحلو للبعض أن ينعته بدون مساحيق ولا إكسسوارات ولا أضواء ولا بهرجة مفتعلة.فنان أستوطن قلوب الجميع، كل ما كان يملكه كمان إيطالية بالية "الحرباء" كما كان يسميها، بحشرجتها الحزينة، تخترق المسامع عزفا لسيمفونية كاريان سنطرال المقاوم وبن مسيك وشطيبة ودرب السلطان بل كل أحياء ودروب وساحات الوطن.سئل ذات مساء عن تاريخ وفاته فرد جمهوره وعشاقه ومحبيه: "اخليفة" لم يمت إنه حي في قلوبنا، قلوب البيضاويين مادامت للفرجة ضرورة وللسخرية حاجة ملحة. إنه صورة راسخة في الوجدان يوزع النوادر والنكث والملح بسخاء وتلقائية تجعل المتحلقين حوله مكونا أساسيا من مكونات مشهد ممسرح آية في الإتقان حيت تنزع بقدرة خارقة الضحكة بلا هوادة من نفوس أضناها ضنك العيش وقساوة الاستغلال فتشعر بأنها في حاجة إليه وهو في حاجة إليها.هذا هو حال كل من عايش زمن "اخليفة" وتعمد بإبداعاته العفوية بقالب فكاهي لا يمكنه إلا أن يظل وفيا لروحه ويمطره ورودا كلما استحضر حكاية "الموت" و"حوض النعناع" و"العرس.." وكل مستملحاته وقفشاته الهزلية.فتحية لك أيها الفنان الفكاهي البسيط ولتهنأ روحك في تربة الوطن الندية يا "ولد الشعب" فأعمالك الفرجوية البسيطة ستظل منقوشة في وجدان البيضاويين فقط لأنك كنت واحدا منهم أحسست همومهم ونفست عنهم بقدرتك على منحهم الفرح والضحك في زمن الضنك وشطف العيش.

"أخي" للقاص زهير هوتة من مدينة فاس

أخي

أخي الصغير.. يشد الحبل، يثبت وثاقي ويظل يتربص بي، يحاول إحكام خطته الهجومية ضدي..أتوقع ذلك، بيني وبينه نظرات حذر وشك. لا يختلف كثيرا عن رعاة البقر، نفس الحذر والترقب، ابتسامة مكر تتسلل من شفتيه كرسم سماوي، يعدو متجها صوبي، يقذف بصدره العنيد إلى صدري. أشعر الآن أني أخضع له.. تحت قبضته. البيت الذي يؤوينا يزيده فوضى، هو الآن يزيحني عن سريري، يدعي أنه يملك القوة كي يلقي بي خارجا على الحصير ومن ثم يهدي اليّ ثمرات ما جادت به يداه من لكمات تختصر الطريق إلى طفولتي، وأغدو صغيرا بذاكرتين . لا يكفيه صراخ أمي.. صراخ أمي أن نتوقف عن شغب هاج بداخلي. أمي التي تفعل كل شيء تستطيع جعلنا نتوقف. من جديد نهيئ صفوفنا،جولاتنا.. معا نعشق طفولتنا. أخي الصغير.. قبل ربيعين، كان جالسا عند عتبة الدار، قيل أنه قعد بهدوء ذلك اليوم، لم يشارك الصبية لعبهم. كان شاردا طوال الوقت كأنه يبحث عن شيء ما في حقل خياله اللامنتهي... بعدها بقليل أبصر الفراشات الصغيرة تطير بأجنحتها البنفسجية والقرمزية... تراءت له على طول الزقاق، كانت بضعة فراشات.ظل يحدق في هذا الكائن الغريب طويلا. الفراشات تبتعد عنه وتلوح في الأفق غيمة. يفرك أصابعه ثم يمسكها، ينفلت الهواء من قبضته الصغيرة. قفز هائما من برجه الطفولي . لحق بالفراش، لحق بها، اقتفى أثرها... اختفى . أخي الذي يصغرني لم يره أحد من الجيران، لم يره أحد. بحثت كثيرا لكنه على ما يبدو قد رحل. خرج أخي ولم يعد.. لم يعد، انتظرت طويلا لكنه لم يعد. حتما أغوته الفراشات صار مثلها، هو الآن يملك جناحين للطيران وجه أخي صار حقل زهور. من في الجوار لا يدركون ما أقول، هم يتفوهون بكلام لا يروق لي.. يتعبني. -هم يقولون : لقد صار طائرا أبيض يعرج على السماوات السبع، ثم يأوي إلى ظل شجرة من أشجار الجنة حيث ينعم بالظلال... هذا ما تقوله كذلك أمي.. أمي التي تنهي كلامها دائما بالبكاء. أكيد لا يفهمون شيئا. لا أحد يرغب في أن يفهم، لا أحد. . . . . . . . . أخرج فزعا

أشير بكلتا يداي إلى الزقاق.. أتهم الزقاق.

على مرمى البصر

أفترض الفراش تلو الفراش

أستبيح دمي

تم أعانق رسم أخي شطر الجناح.

الجمعة، مايو 09، 2008

للسلطان حاجب يحدد عدد الشرفات -بقلم خالد أخازي -

يقف أمام القلوب
خاشعا
صامتا
منحنيا
مقبلا سرته
يغزل للسلطان شعبا
من صوف وخوف
وخطابا من عجين
يشكله حسب مزاج السلطان
يتفقد البريد والطعام
يحرق أكثر الرسائل
ويدخل المداحين والخطباء
يحدد عدد الشرفات في البلاط
يضع للسلطان خريطة الأعداء والأصدقاء
يغربل الممرات والدروب والوفود
يحجب عن السلطان مزابل الوطن
معاقيه و مرضاه والمجانين
يعفي السلطان كل صباح
من أخبار المقابر والمتسولين
يلون له الأيام الحالكة بلون الأصباح
يجوع الناس فيردد أمام السلطان
"هذا من سخط الأمير"
ينعم الناس حولا فيردد أمام السلطان
"هذا من كرم الأمير"
تغضب الشوارع عند الضائقات
فيقول للسلطان
"هذا من فرط الديمقراطية"
يضرب العمال في المعامل
فيقول للسلطان
"هذا دلال الحريات"
يشتكي الناس من غلاء الأسعار
فيقول للسلطان
"تطاولت العامة على حكم السلطان"
تنهار البيوت فوق الرؤوس
فيقول للسلطان
"هذا بفعل الخصوم"
تسرق خزائن الدولة نهارا
فيقول للسلطان
"هم من رهطنا
ما سرقوا بل احتاطوا
أعفوا عنهم فلنا فيهم مآرب كثيرة।"
تقوم القيامة في الجامعات والمدارس
فيقول للسلطان
"طيش شباب ولابد من التأديب ।"
تصل يده تظلمات الناس للسلطان
فيعيد كتابتها
ولا يبقى فيها غير أدام الله السلطان
لا ينقصنا غير التشرف بطلعتكم البهية.

الأحد، مايو 04، 2008

لن أسكن مقابر الكلام الجميل -بقلم :خالد أخازي

يا نجمتي البحرية...
لا تنتعلي زيف قولهم....
لا تشرعي الصدر اليانع...
لموج مكرهم....
فمهما قالوا....
مهما ادعوا....
مهما وزعوا أكفانا وهمية
في مدني الشعرية الحالمة....
مهما بعثروا الكلام الجميل...
ليخلخلوا كبرياء القصيدة।
مهما نعتوا أقواس الكلام الجديدة
باللقيطة...بالدعية
بالهجينة...بالبغية
ليخجل القول من وسامة البناء
بعيدا عن معمار العراء...
مهما قلبوا في زوايا القصيدة
عن زغب الآباط ...
فأنا ماض نحو مصابي الصاخبة....
أبيت كل مخاض
في مشيمة الروح
واستظل من قيظ الشفاه النهمة....
تحت سحابة العبور الجميل...
في العمق الجغرافي
لمنابع الليل
و ورشات نسج النهار
يا نجمتي البحرية...
يحزنني صمتك في لوعتي الحائرة।
ويقتلني كل ثانية....
صقيعك لحظة ارتعاشي...
مهما قالوا
مهما ادعوا....
لن أميد إلا على هودجي ....
لن انتعل أحذية الموتى....
لن ألبس قبعة لمجرد أنها زاهية...
وتحمل شعرة تاريخية।
ولا قميصا من البوح....
يضيق بالصدر والنحر....
لن أقطف إلا أزهار حدائقي المتواضعة...
مهما بدت متفرقة....
فهي يانعة...
حية...
لن أضع في مزهرية الروح...
باقة ورد ذابلة....
لمجرد أنها
تحمل توقيع بساتين باريس
أو لمسات ناسكة في دير قديم
يا حبيبتي
مهما حاولوا ترويض حماقاتي...
مهما حاولوا تفقير خيالاتي...
مهما حاولوا وأد شطحاتي...
لن أسكن مقابر التعبير
وإن كنت أحج إليها في خلواتي ...
لن أطعم عصافير الشعر...
طعام الزوايا ولو كان تريدا...
وإن كنت أعصر في جوفها
من حين لآخر مرق التريد
إن اختلفوا حول عاهتي...
بين حماقة أو نزوة...
فإنني مدين...
لكل العاهات التي صنعت الممرات
ليعبر المشاة...
لكل العاهات التي أشعلت الشموع...
ليرى العتاة।
درب العودة من الجحيم. خالد أخازي 16/04/2008

لم يختفي الرحال ليبكوا ؟

تسألني :لم يختفي الرجال وراء الأفق ليبكوا؟
لم يحزن الرجال بعيدا عن عين الألم؟
لم يسافر الرجال نحو منافي الروح؟
وحيدين ...
منهكين... يجرجرون ظلالهم القاتمة
ليبكوا عشقا لا حياة لسحبه
غير الرعود والبروق
وانشطار القلوب।
تسألني:
لم يختفي الرجال ليذرفوا الدموع بعيدا؟
في أحضان الشفق الحزين
في خيام الليل الحائرة
في دهاليز الصدر الغائرة... تسألني:
لم يبكي الرجال أحيانا على صدور الأمهات؟
لم يبكي الرجال أحيانا على نحور الجدات؟
وكثيرا ما يختفون وراء الشمس
ليبكوا عشقا مر من قريبا من شرفات الروح
ومضى لاهيا
غير معني بغناء شاعر।
منتظر
مرور عشق في بهاء॥
يختفي الرجال ليبكوا...
يا سيدتي
يبكي الرجال خفية
لما تشح صدور النساء عن فيض الأمان...
لما تعجز أصابع النساء عن تجفيف منابع الآهات...
لما تتحول النساء كواكب جديدة...
بلا ماء ولا حديقة....
لما تعجز عيون النساء....
عن كنس الخوف في قلوب الرجال...
لما ينتشر الجليد فجأة
فيبحث الرجل عن خيمته
فتصير المرأة نخلة في واحة غيره॥
لما يختار الرجال الموت من أجل الحياة....
فتختار المرأة الحياة من أجل الموت....