الجمعة، يونيو 13، 2008

الرجل الذي يتفقد أشلاءه نص سردي لمحمد فايح

قبل ان ينسل من فراشه تفقد كل اعضائه وأيقن انه لم يفقد شيئا يذكر .وبنظرة حزينة حملق في اركان سقف الغرفة .اشعة قوية تسربت من شقوق النافذة الوحيدة التي نخرها التسوس وشكلت مع خيوط العنكبوت التي نسجها بفوضوية لوحة سريالية رائعة حاول ان يتذكر شيئا من حلمه لم يفلح .... جدار اسمنتي حال دون ذلك اخترقه وجه بشع ويدان باظافر متقوسة... .تناول ساعته اليدوية تدحرج بين الرغبة في الخروج او المكوث كعادته ....جدار اخر من الصمت حاصر الغرفة و في عناد غير معهود صمم ان يكون هو ذاك الذي كان لكن سرعان ما اخذ الجدار يكبر ...يعلو يعلو يعلو يعلو.....حاول الصراخ دون جدوى كرر ذالك اكثر من مرة تذكر لحظة الميلاد ...تذكر المخاض واول صرخة فاستبد به ندم شديد" ترى ما سبب مجيئي لهذا العالم الذي اعلنت التفاهة حالة طوارئ لم تنفع معها اية محاولة لاعادة الامور الى حالتها الطبيعية " سؤال كان يردده كلما اغواه الجلوس باحدى المقاهي التي يفضلها عن فضاءات اخرى تشعره بالخواء والفراغ القاتل.
اعلن السيد س افلاسه وقرر ان يعلق بطاقة على الباب ويخط عليها المرجو عدم الازعاج ولو لبضعة ايام ...وكل محاولة من أي كان ستبوء حتما بالفشل او ستؤدي إلى ما لا يحمد عقباه ... لا حاجة لي باي شيء من تفاهتكم من اكل وشرب .. وثرثرة بئيسة .. والمعذرة .....لكم جميعا دون ان استثني احدا... احكم اغلاق الباب بعد ان جاذل بالتي هي احسن وامتدت يده للورقة والقلم واعتقد انها اللحظة الهاربة التي طاردها اكثر من نصف العمر دون جدوى . وصارت في نظره مناسبة للظفر بمتعة الكتابة بعد سلسلة من الافلاسات والنكسات ..التي توازي انتصاراته في الفراش ..فقط..دخل في حوار داخلي دون ان يعرف الى اين سيصل ...ترى لو حضرت كما ولدتها امها ...ولم تطل المقام ...او اعتذرت كما فعلت اكثر من مرة ....استبد به خوف شديد واخد يفكر في القصيدة الثانية وهو لم يكتب حتى الاولى بعثر كل اغراضه تبول عليها بعصبية وهو يتخيل طقوس الوداع لمن ستزوره وجال ببصره في تقاسيم هذا الوجه البهي الذي حاول اكثر من مرة ان يطبع علية قبلة او عضة ...او يجعل منه وطنا ياويه للحظات. او يبعثر كل شيء ويعيد بناءه من جديد كي تستقيم الامور. بحركة سريعة انتصب في ركن الغرفة كانه يمتثل لاوامر مخرج صارم وهمهم بكلمات غير مفهومة ...قرأ صك الاتهام في حق قصيدة عنيدة تحرض ضده البوح وتدفع بالكلمات نحو العصيان المدني وتفتح كل الابواب والشرفات على تضاريس الالم ودروب الاغتراب ... \انتقل السيد س من مكانه بكرة مختلفة تماما عن الحركة الاولى وركز كل نظره على الزاويةاليسرى للغرفة وهو يدحرج بعض كلماته المتقطعة بشفتين ذب فيهما نبيذ قوي دون خجل او احساس بالنقص ردد" انني كاتب فاشل .....وانتم السبب ....وانتم السبب..." ساد صمت جنائزي غرفة السيد س اغتصبته دقات قوية على الباب .....فاستفاق مذعورا ...وتابط بعض كتبه ..ودون ان يتناول شيئا هرول نحو مقر عمله .. ليقاجئه الحارس بنبرة حزينة بانه مطرود من العمل بسبب التاخير وادمان قراءة الكتب في اوقات الاستراحة...

ليست هناك تعليقات: