الأحد، يونيو 22، 2008

من يريني أنثى العقاب ؟ بقلم خالد أخازي

أيها المبدعون لا تبحثوا عن شفاء لكآبتكم...
فإنها نبع إبداعكم...
اختاروا إذن بين الكآبة أو التفاهة ...
*******
من يملك الجواب: أين عش الغراب...؟
هذا .....
يطير قرب الأبواب...
يحط أينما شاء
كأنه القضاء ...
كأنه بقعة وحم رعناء...
تخافه الكلاب والقلاع...
من يملك الجواب ؟
أين يضاجع الغراب المزركش..
الرماد والأشلاء...؟
أين يطعم صدأ الزنا زن والأغراب...؟
أين ينشر مقابره ...؟
أين مشانقه....؟
أين "يكلب" الجلاد...؟
من يملك الجواب: أين عش الغراب...؟
عساني أصالح أنثى الرماد....
********
يندس عقلي نحو الغور...
في دواخلي الغابرة
بحثا عن الجواب...
عن مصدر الشقوق....
في مرآة البروق
بحثا عن أصل هذه الكآبة...
في ممرات العروق..
من أين أتت كل هذه الكآبة ؟
وقد أقصت كل فرح من قثاء...
والتهمت كل بسمة من كيمياء..
وهل سقوف الوجود...
غير هذه الرعود ..
في العروق والشقوق..؟
مجرات الدواخل..
في فلك الحزن...
تدور...
وتدور...
هل من فلك جديد يغير لون أجرامي ؟
هل من كوكب في عوالمي يغير دورة كآبتي ؟
أي كآبة هذه...؟
تحاصر الكلام والخطى
تكبل الحلم والشذى ؟
ذكريات....
وجمرات تنضجها غاباتي الليلية ...
جمل تسقط كالحمم...
صور قاتمة بلا وجوه...
غرابة ولوعة واعتصار
في بحيرة اغتسالي الليلي....
من يملك الجواب:
أين عش الغراب...؟
عساني أصالح أنثى الرماد....
من يملك الجواب..
أين منجم القتاد...
عساني ألين هطول الأحزان...
لأزلت ألج من بوابة الصدر....
تضاريسي الغابرة....
بحثا عن مصدر الحمق...
في ينابيع الطفولة …
من يصدق؟
أن خوفا قديما...
أو رعشة سحيقة....
أو ندما منتعشا....
يلبس لبوس الكآبة...
ويعلن..
أنها الطفولة الجريحة...
لازالت تسافر عبر العمر...
تفجر نبع حزن هنا...
أو تربك جلسة صلح...
بين قراصنة الذات...
آه...
حتى كآبتي تختار وجه مدينتي...
مدينتي التي تاهت عني منذ طفولتي..
مدينتي تكتفي بالنظر من عين الطفولة...
وتضع في كل مساء صورتها القديمة...
في سجل الليلة...
وتمضي تاركة ظلها ...
وما تبقى من وجهها...
نامت في الإسمنت الرتابة
أين حديث الناس؟
أين حكايا الجدات وأساطيرنا الدافئة ؟
أين الناس في البيوت؟
لم يعد في البيوت إلا البيوت..
وطلال الناس..
أين نبع هذا الحزن المزهو بهويته الزئبقية؟
لابد أنه في مكان ما...
في هدم الدواخل....
في مكر السواكن....
في مستنقعات الذات الراقدة...
في دغل من غابات الطفولة...
في غرف الأحلام الباردة....
لابد أنه في مكان ما
في ناحية ما...
على أدراج كوميديا الدواخل...
أين ورشة كآبتي ؟
أيصنعها الدهر في الخرب...؟
أم ترحل بها السنون في بحر العمر..؟
أ في عرق الجلاد والسياط..
أفي أحزان الناس ...
أفي غرابة وطني...
أفي حيرتي من وطني...
لم يعد يتسع لأحلامي..
أفي خرافة الشعراء...
لم يعد في شعرهم ممر للفقراء...
أ تأتي من أثر مسافر...
في رحلة الخلية ...؟
من دم إلى دم....
إلى أن يشرب الأثر...
كأس العودة في عقل الحيرة....
فتعلن الكآبة نفسها ...
قدرا من دخان...
يسكن رعشة الجسد...
ويشرد السكينة في قبو الغفوة..
لا زلت أعود كل مساء...
إلى دواخلي ...
علها تمنحني رقصة مع أطياف الخرائط الغابرة....
لكني محبط كل ليلة...
لا الدواخل تمد جسر العبور...
ولا العقل يفتح باب الحبور....
ولا الصدر يتسع لكل هذا الحزن...
آه...ليته كان حزنا....
من أحزان الدنيا...
له دمع وحداد وواحة..
له نبع وزناد ولغة...
آه...كآبتي...
نار أحطب للهبها...
بيدي من أغصان عمري...
آه....كآبتي جلاد...
أصنع سوطه بيدي كل مساء...
من حبال الروح و الوجدان...
كل مساء....
أقف عند باب الذات المحترقة ...
أحاول فهم هذا الجحيم....
فيزيد فهمي حماقة ناري...
أحاول الوصول إلى نبع كآبتي...
فيزداد دفقها على غربتي...
من يريني أنثى العقاب ؟
علني أقطع عنها نهر الحياة.

ليست هناك تعليقات: