الجمعة، مارس 21، 2008

رحلة البحث عن الوطن

لا زلت أبحث عن وطني في وطني..
مذ سقطت آخر أحلامي...
قتيلة على جدار اندحاري
في أحراج الفزع اليومي
من أن ألقى حتفي،
في زقاقي العاتم
إلا من لوعة ضوء راقص
لسيارات حمقاء..
.على يد ناقم من عتبة البهجه..
.أو بيد يائس من نسمة النعمه.
****************************
لازلت أبحث عن وطني في وطني...
بين حشود العاملات في الغبش...
بين صفوف المنتظرات على البوابات....
لازلت أبحث عن وطني في وطني...
مذ شج رأسي في زاوية الزقاق...
من أجل كيس فيه رغيف وصحيفه.
من أجل جيب فيه أنين وريح ...
وفاتورة مِؤجلة وقصيده...
وبقايا شهر أنهكه الفحيح....
لا زلت أبحث عن وطني في وطني...
يسقط الناس أمامي مرضى
أو تلفظهم المستشفيات
ليموتوا في وطن
قيل لهم" أحبوه..
.فهو مرلكن،
قدسوه"
.لازلت أبحث عن وطني في وطني
مذ رأيت الرجال يسجنون من أجل الوطن
وبعد جراح وجراح..
يرتدون البزة والأوهام...
ويكنسون ليل وطني...
بأقلام الشعر التي وهنت...
في أحضان جلادي وطني...
لازلت أبحث كل ليلة...عن وطني في وطني...
وأخشاك يا وطني وأنت تحاصرني
كل ليله...بالمعربدين...واليائسين...
لا زلت أبحث عن وطني في وطني...
مذ فقدت نجمتي الو حيده...
هناك حيث يموت الصغار فجأه...
كما يأتون صدفه...
ويدفنون في العتمه...
في قرى ومداشر وطني...
لا زلت أبحث عن وطني في وطني..
كلما ضاقت بي الدنيا
و وصدت الأبواب أمام إلحاحي...
كلما كبر أحد صغاري...
فشاخ أمامي قبل الأوان...
وفي يده شهادة أمل...
ضاعت بين الطرقات...
وشحبت كلماتها بعرق الرحيل.
.وفتحت لليأس دروبا من ضياء..
.********************************************
وطني أشاح وجهه عني...
واختفى عن الأنظار...
لم يبق من وطني غير علم وضجه..
.لم يبق من وطني غير صنم وكهنه...
يوزعون الفتوى والفرجه...
ورعايا ينتظرون بقايا موائد ومواعد
وحكايات قديمه...
عن رغيف تتسع بساتينه للجميع...
وحدائق تغدق الموز والبلح...
على العمال والمزارعين والحجيج...
لازلت أبحث عن وطني في وطني..
.أتفرس الوجوه كل صباح...
فأرى ذلك الموت الصامت ...
يقفز من العيون...
ويمتد في الكلمات والدروب...
أسافر ببصري المتعب في مدينتي..
.فأخاف على مدينتي...
من مدينتيمن غد قد ينبع من الدغل...
من غد قد تقرع طبوله الهائجه...
فراشات لم تعد تحترق...
على وهج الفتيل....
وتمسي هي الفتيل...
من غد قد تفصد صيفه..
.من جبين خريف الروح والجريح...
*************************************
لا زلت أبحث عن وطني في وطني...
كلما دقوا بابي..
.ومنحوني بطاقة اقتراع خجوله...
كيف يستبلدوننني يا وطني...
في منتصف عمري المتأرجح....
بين الحكمة والنزق....
لازال في وطني ...
يا وطني...
من يفاوضني على صوتي ...
المسكون بالسعال وسقط التبغ..
.يمنحني فاكهة يوم وليله...
وقدحا وسط كبرياء الشاي والسكر...
ويقبلني ألف مره...
يسأل عن الأحياء والموتى...
ويعاتبني على أشياء كثيرة...
ويمضي مبتسما...
محمولا على أكتاف هشه.
لازلت أبحث عن وطني في وطني.
.كلما امتدت إلى أجرتي العليلهأياد كثيرة...
عفنة...
مهروله...
تقتطع من صمتي..
.سعر زجاجة وعاهره...
تقد من أشلائي...
ليلة في حانة ساهره...
ولما أتمهل لأبحث عن وطني...
بين الأيادي والخناجر والسياط...
لا أجد بين الوجوه وصفك يا وطني...
لبساتين الناس المشرعة في المحن...
والديار المفتوحة للناس ...
حتى الغرباء...يا وطني..
*********************************
لازلت أبحث عنك كل صباح ...
وجسمي مشاع بين الناس...
في حافلة المتعبين....
يا وطني..لا زلت أبحث عنك كل ليله...
وظلي يخترق الدروب نحوا لدروب...
يا وطني ...لازلت أبحث عنك في الطرقات...
في عيون دركي ...
يفتش عن أي شيء...
إلا هويتي...
يا وطني...
كم افتقدك في عطلتي..
.فأنا أجهل جبلك وسهلك..
ينابيعك ورملك..
أقسم أني لا أعرف من وطني...
إلا شطآنا أجاور في موجها..
.قيء مدينتي ...
لا زلت أبحث عن وطني في وطني...
في وجوه الناس أبحث عن الناس...
لكن هيهات يا وطني ...
أين الناس؟
أين الغناء ...؟
أين العناق الذي بفجر الدمع والذكريات...؟
أين العيون التي تلقاك بالحنين ..؟
.يا وطني ...
لا زلت أبحث عنك في الوجوه ...
في الأشياء...
في الشجر...
والحجر...
والهواء...
فلا أجدك إلا نخلة منسيه...
في قصائد كثيره...
أو وصف جميل...
في خطاب سياسي متردد...
لازلت أبحث عن وطني في وطني...
فلا أجده...لا أجده..
.طال بحثي..
.ووطني يهرب من لوعتي .
..بعيدا عن سواحل القلب..يا وطني...
عفوا لم تهرب أبدا...
ولم تشح بوجهك عني.
.أبدا...
أبدا....
هراء.
.لقد هربوك...
تم خنقوك...
تم صنعوا وطنا وهميا
من عجين...
من خواء
وسموه اسمك...
لكن كلما سافرت في سحاب الوجوه...
أدركت أن هذا الذي ألقاه كل صباح..
كل مساء...وطن لكل السياح...
لكل الغرباء ..
.لكل العابرين....
المضجين...
المقدسين...
في خفاء..
.لكل الناس...
إلا أنا..
.يا وطني..
يا وطني....
خالد أخازي
بالدار البيضاء18/03/2008

ليست هناك تعليقات: