الجمعة، مارس 21، 2008

سيرة طفولية سياسية

سيرة طفولة سياسية إلى روح عبد الله راجع...حتى لا ننساه وسط الضجيج كنا صغارا ... صغارا ... وكانوا كبارا... كبارا... يحلون كالوهج ... كسحاب عاشق للعود اليابس بعد طول انتظار. في مواعيدنا القلقه، العاشقة لجنان القول الناضج على شجر الآمال العابره. بين لوعة السفر ودفق الشفق كانوا ينسجون الأحلام. فنحلم كما يحلمون ونلبس كما يلبسون نضع قبعاتهم وسراويلهم. ندخن سجائرهم . ونقرأ ما يقرؤون... كما يجلسون في المقاهي... نجلس... نتحدث. كانوا... كانوا... يحددون خرائط الأنغام فنطرب فقط في مدنهم. كانوا يحددون الدنيا... بحارها سهولها مخابزها مرتشيها وخونتها فنمشي في مسيراتهم. لا نعرف في الخرائط غير هذا الشرق كما لونوه. وهذا الغرب كما عهروه كنا نعلق صورهم على الجدران الحالمه يبن الكبد والغمد بين القلب وفي نحورا لأمهات. ندس أشعارهم ... بين أثداء الأمهات... بعيدا عن أعين المخبرين وكل من سموهم "رجعيين " وكنا نردد تراتيلهم في المدارس... في الشوارع ... عير بعيد عن سكة الغابرين. نغنى أشعارهم في البراريك القاتمه نشعل شمعة في ليالينا الباردة... لنقرأ سطرا ماركسيا... لنحفظ شعارا منسيا... وكانوا لما يدخلون السجون تمشي القلوب في الشوارع تكسر أضلعنا تجهض أمهاتنا تغتصب نساؤنا تخضب عورات أخواتنا بقيء الجلادين وما تبقى من جبن في سياطهم. كنا صغارا... صغارا .... نحلم معهم بالرغيف الأسود الذي يكفي الشعب والغرباء. لكن... لما سقط جدار زمن الصقيع نمت في لغتهم كلمات جديدة وتسابقوا للدواوين والمجالس وسموا الماضي طيش خرافة وصنعوا من جديد خوفا آخر من عجين وغوغاء. ووزعوا الطبالين في المواكب السياسية وأصبح الشعراء وزراء والجلادون ندماء. والشيوعيون فقهاء... كتاب دواوين ونبلاء. والمنفيون عقلاء. غيروا السراويل والقبعات والتسريحات غيروا الخرائط القديمة... بخرائط من حرير. وهذا الشعب ما تبقي من الشعب. كم حمل سكراهم على الأكتاف كم أشعل نارا من ردم الروح ليدفئ أشعارهم. كم أسقط من فاكهة العمر قبل الآوان... ليطعم فراخ الآمال. كم حطب من غابة الحياة... لتظل جذوة الغد مشتعلة... مشتعلة... رغم الصقيع... رغم الظلام المندس بين الحدائق. ونحن.... نحن – القاطنين-... عند منعرج التاريخ... نحن ... كل هذا الجيل كل هؤلاء الذين حفظوا الشعارات القديمة توزعنا بين الحانات والقاعات البيضاء ولا أحد.. لا أحد... يصدق أننا لم نعد كما كنا في يدنا موتنا وفي أعيننا بوصلتنا وفي جذوعنا ألغامنا... لم نعد صغارا... كما كنا... يرسمون الدنيا... فنلون المساحات والأشكال... بلون كلامهم... أبدا... أبدا... لم نعد صغارا... كما كنا... ولم يعودوا كبارا كما كانوا... نصدقهم لمجرد أنهم قالوا.

ليست هناك تعليقات: