الأحد، مارس 23، 2008

مقاربة ابستملوجية لمدخل التدريس بالكفايات

الفصل الأول
السياق المعرفي للتحول من مقاربة التدريس بالأهداف إلى مقاربة التدريس بالكفايات
أدرك التيه الذي يعيشه المدرس(ة) كلما زحفت إلى المشهد التربوي ترسانة من المفاهيم والمصطلحات الجديدة ، تدعي أنها تحاول التأسيس لوعي تربوي جديد وبالتالي لممارسة بيداغوجية تستجيب للمرحلة الجديدة في دينامية المجتمع وتحولاته الاقتصادية والسياسية والفكرية.بالكاد يكون هذا المدرس المكتوي بكل تناقضات المشهد التربوي والتعليمي ألف مصطلحات جديدة واستأنس ممارسة بيداغوجية معينة، ليصدر الأمر المعرفي السامي/القطعي بالقطيعة أو/و التجاوز أو/و استيعاب مرحلة جديدة تستوجب تطوير/تثوير الممارسة التربوية ،في ضوء طوفان معرفي تربوي عارم ما أن ينتهي الفكر الغربي من استيعاب تفاصيلها حتى تصلنا نحن في المغرب موجتها الأولى... الخيارات التربوية في الغرب هي نتاج تراكمات وتجارب وتقويمات لمعادلات الإنجاز التربوي والدينامية المجتمعية الاقتصادية والسياسية، بينما في العالم الثالث والمغرب نموذجا هي نتاج توزيع الأدوار في خرائط العولمة ، وتبعية لمركز الإبدال المعرفي الغربي...من يؤمن بكونية المعرفة وإنسانية الإنتاجية الذهنية لا يولي أدنى اعتبار لروافد التحول والقطائع معتبرا نفسه جزءا لا يتجزأ من نظام فكري حضاري إنساني، في الوقت الذي فيه لا تخفت أصوات الدعاة بالخصوصية الثقافية والحضارية للشعوب والأخطار المحدقة بالهويات ، لكن لا أحد يجادل في كونية الإنجازات العلمية بقدر ما نجد تحفظات من الخيارات التي تؤسس للقيم والهوية والإنسان والمجتمع وخصوصا في بعده التربوي والاجتماعي.مواقف توزعت على محور الحساسية لهذا الفكر المخترق للخرائط والحدود بين حساسية معتدلة تقترح الملاءمة والتكييف والغربلة والانتقاء والتأصيل وحساسيات مفرطة رافضة لكل مشروع فكري ثقافي غربي واصفة إياه بالمستلب المهيمن المنمط للقيم عبر الأنموذج الغربي.
1-الدرس الإبستملوجي لفهم التحول في الخيارات التربوية
لما انتشرت مفاهيم ومصطلحات مرتبطة بصرح بيداغوجي ارتبط بالتربية المتحكمة في السلوك والقادرة على التنبؤ بردة فعل سلوكي أو فعل سلوكي وسط وضعية ما،كان المجتمع التربوي الغربي يعتقد أنه بإمكانه التحكم في هذا الكائن البشري المتغير الزئبقي وتنميطه وفق انتظارات الجماعة الحاكمة سياسيا واللوبيات الإقتصادية المهيمنة على منظومة الأخلاق والقيم وتوزيع الأدوار الاجتماعية والاقتصادية ...فخرجت للوجود بيداغوجيا مسكونة بالعلمنة تجر وراءها ظلال ابستيمولوجيا القرن العشرين التي اهتمت بالعلم وحاولت أن تضع خرائط معرفية له لتميزه عن اللاعلم ..التربية كائن معرفي يتأثر ويؤثر داخل النسق الثقافي العام/الإبدال الفكري الذي ينمو و يتحرك فيه، فابستملوجيا القرن العشرين متأثرة بالوضعانية الجديدة التي اتخذت من المعرفة العلمية موضوعا لها و انشغلت بأسئلة التحديد والتعريف والتوحيد داخل المعرفة العلمية ، وحاولت أن تجد أجوبة منهجية ابستملوجية للسِؤال المحرج والمؤِرق: ما الذي يفصل العلم عن اللاعلم / الميتافيزيقا /؟سؤال تصدت له جماعات فكرية من مختلف الفروع العلمية وحاولت أن تؤسس المعرفة العلمية انطلاقا من منطق لغتها الداخلية ومن مطابقة قضاياها عبر تجزيء عباراتها إلى عناصر لها مقابل في الواقع ، فخرجت للوجود هذه المفاهيم النووية التجزيئية الني تبحث في منطق لغة العلم:هذه المقابلة بين القضايا العلمية والعبارات الداخلية للقضايا العلمية أنتجت مفهوما جديدا وهو معيار التحقق..فالتحقق هو التحقق من صدق نظرية علمية ومطابقة القضايا اللغوية هو معيار انتماء النظرية إلى العلم... هكذا كانت ابستيمولوجيا القرن العشرين مثقلة بهاجس الوحدة توحيد لغة العلم ،وهاجس الفصل بين العلم و اللاعلم وهاجس التحقق والتنبؤ والتحكم...
يتبع

ليست هناك تعليقات: